الخوف حالة انفعالية طبيعية يشعر بها كل الكائنات الحية، طالما كانت درجته في الحدود المعقولة غير المتطرفة وإلا تحول إلى حالة مرضية من مؤشراتها الفزع والهلع التي تلم بالشخص، ومن ثم يدرك العالم كمكان خطر أو مهدد يتطلب مراقبة مستمرة حثيثة بحيث يفسر المثيرات الطبيعية بشكل خاطئ على أنها مثيرات سلبية، وفي المقابل يتم تجنب المثيرات الإيجابية ومن ثم الموقف ككل.
مفهوم الفوبيا الاجتماعية:
خوف مفرط وغير منطقي من المواقف الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين، يبدأ عادة في مرحلة المراهقة، ويؤثر هذا الخوف على حياة الفرد ويحول دون مزاولته لحياته الطبيعية، حيث يجبر الفرد على الابتعاد عن الحياة والتفاعل مع الآخرين خوفا من أن يتعرض للتفحص أو التقييم السلبي من قبل الآخرين.
المنبئات التشخيصية للفوبيا الاجتماعية:
وذلك وفقا للدليل التشخيصي والإحصائي الخامس المعدل للاضطرابات النفسية والعقلية الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي :
1. الخوف من واحد أو أكثر من مواقف الأداء أو المواقف الاجتماعية، حيث يكون الشخص معرضا لإمكانية التفحص من قبل الآخرين، ويخاف من أنه سيتصرف بطريقة تؤدي إلى أهانته أو الارتباك.
2. إن التعرض لمواقف الأداء الاجتماعي الذي يخاف منها الشخص يحدث استجابة قلق مباشرة، وقد تخذ شكل نوبة هلع مرتبطة بظرف معين.
3. يدرك الشخص أن الخوف الذي لديه غير منطقي ومبالغ به.
4. يتم تجنب مواقف الأداء أو المواقف الاجتماعية المثيرة للخوف أو ربما يتحملها بالرغم من شعوره بالقلق والألم.
5. يؤثر التجنب أو القلق المتوقع في المواقف الأدائية بشكل واقعي في النشاطات اليومية الاعتيادية من الناحية الأكاديمية والوظيفية والاجتماعية.
6. أن لا يكون الخوف أو التجنب ناجما عن آثار فسيولوجية مباشرة لعقار أو حالة طبية عامة، ولا يفسرها اضطراب نفسي آخر بشكل أفضل (مثال: اضطراب الهلع، اضطراب قلق الانفصال، اضطراب تشوه صورة الذات، أو اضطراب الشخصية الفصامية).
مكونات الفوبيا الاجتماعية:
تتكون الفوبيا الاجتماعية من ثلاثة مكونات أساسية، وهى:
1. المكون المعرفي.
2. المكون السلوكي.
3. المكون الانفعالي
أولا: المكون المعرفي
إن الأفراد الذين يعانون من الفوبيا الاجتماعية يظهر لديهم اهتمام زائد ومبالغ به حول تصورات الآخرين لهم، كيف يقيمونهم، يدركونهم، ويظهر لديهم عادة تقدير متدن للذات، حيث يدركون أنفسهم غير أكفاء، وبالإضافة إلى ذلك يضعون لأنفسهم توقعات ومعايير أداء مرتفعة ، والفرد يخشى ويخاف الفشل، وهذا الخوف والتوتر يقود الفرد إلى مشاكل أداء فعلية .
ثانيا: المكون الانفعالي
تولد الفوبيا الاجتماعية لدي الأفراد الذين يعانون منها عددا من الأعراض نتيجة القلق والخوف من التقييم، حيث يستثار الجهاز العصبي المركزي للفرد، وتظهر استجابة الكر والفر، وقد تترافق معها إعراض فسيولوجية، وزيادة هرمون التوتر الذي تفرزه الغدة النخامية ومن الأعراض التي تظهر.
1. احمرار الوجه.
2. زيادة سرعة التنفس أو صعوبته.
3. وزيادة التعرق.
4. توتر العضلات وانقباضها.
5. الشعور بالدوار.
6. الشعور بالوخز والنمنمة.
7. ارتفاع ضغط الدم أو هبوطه.
8. برودة الأطراف.
9. الارتجاف أو الخفقان.
10. صداع.
11. جفاف الحلق.
ويظهر عادة عدد من الأعراض ولا تظهر مجتمعة.
ثالثا: المكون السلوكي
يتمثل الجانب السلوكي من الفوبيا الاجتماعية بالسلوكيات التي يلجا إليها الفرد بهدف محاولة التحكم في الموقف وخفض مستوى القلق لديه، ومن هذه السلوكيات سلوكيات التجنب للموقف الاجتماعي، ونقص المهارات الاجتماعية وكذلك السلوكيات الآمنة .
تفسير النظرية السلوكية والمعرفية للفوبيا الاجتماعية:
1-النظرية المعرفية:
تقوم النظرية المعرفية على فكرة أساسية مفادها أن بعض الأفراد يظهرون تحيزا سلبيا أثناء تفسير أحداث معينة، وهذا التحيز يساهم في تطوير تشوهات معرفية. حيث أن الطريقة التي يفكر بها الفرد هي التي تحدد الاستجابات الانفعالية والسلوكية والتوافق النفسي والاجتماعي لدى الفرد. فإذا فسر الفرد موقف ما على أنه خطر ومهدد سيشعر بالقلق وقد يتجه نحو التجنب والهرب. ومن هنا فسرت المدارس المعرفية الفوبيا الاجتماعية أنها تطور بسبب الأفكار السلبية والتشويهات المعرفية والأحاديث الذاتية السلبية، بالإضافة إلى الطريقة التي نفكر بها في المواقف الاجتماعية .
2-النظرية السلوكية:
تقوم المدارس السلوكية على مبدأ أساسي، وهو: أن السلوك متعلم يكتسبه الفرد من المحيط سواء أكان سلوكا سويا أم سلوكا مضطربا، وبالتالي فإن السلوك يمكن تعديله أو تغييره وبما أن سلوكيات الفرد جميعها متعلمة ومكتسبه فإن المخاوف المرضية وتحديدا الفوبيا الاجتماعية وفقا للسلوكيين سلوك مكتسب أو متعلم.
وهذا السلوك اكتسبه الفرد من خلال ارتباط شرطي خاطئ، تم بارتباط مثير غير شرطي عدة مرات مع مثير شرطي، مما أكسبه خاصية المثير الشرطي، وأصبح لديه القدرة على إحداث الاستجابة الشرطية .
وعندما يحدث ارتباط شرطي وينتج الفوبيا الاجتماعية والخوف من المواقف الاجتماعية، فإن الفرد يستجيب بتجنب الموقف الاجتماعي، وإذا وجد أن التجنب خفف التوتر والقلق في الموقف، أي أنه حصل على إثابة لسلوك التجنب، فإنه التجنب سيزداد لتخفيض التوتر والقلق .
بالإضافة إلى ما سبق، فإن النظرية السلوكية تعطي أهمية للتعلم بالملاحظة، فالسلوك أحيانا يتم اكتسابه من خلال ملاحظة نموذج حي وبناء عليه فإن الفوبيا الاجتماعية قد يكتسبها الأبناء من خلال ملاحظة الأبوين أو الأقرباء عندما يقومون بتجنب السلوكيات الاجتماعية، ويصرحون بمخاوفهم أمام أبناءهم.
فنيات تخفيض الفوبيا الاجتماعية:
• إعادة البناء المعرفي
• التدريب على المهارات التوكيدية
• النمذجة
• الاسترخاء
• بناء مدرج التجنب
• فنية صرف الانتباه
• الواجبات المنزلية