مازالت وزارة التربية قابعة تحت ظل المناهج الداثرة، حيث لا تستخدم في عملية التعليم إلا المتدني من هرم بلوم، والقائم على الحفظ والتذكر متجاهلة باقي مبادئ الهرم، والذي يصل بالأبناء إلى الابتكار والاكتشاف المبني على عملية التحليل والتركيب وفهم معنى التربية الحقيقية. وكل ما تقوم به الوزارة هو إقحام معلومات مصيرها تعبئة الورق ثم تتبخر مع نهاية العام الدراسي، وإذا صحح التعليم وتغيرت وجهته فسنرى المثقفين والحرفيين والعباقرة والمنتجين وسينتعش سوق العمل بعمالة حقيقية مؤهلة تأهيلاً فكرياً ومهارياً وحسياً، لذا لنُعد معاً المنظومة التعليمية التي تقوم على البحث والاستكشاف ومعرفة المعنى من العلوم المقدمة، وذلك بربط العلوم المقدمة لأبنائنا بما يملكون من مفاهيم تلقوها قبل دخولهم المدرسة، مع توظيف العلوم لتكون قابلة للعمل بها وتطبيقها عملياً لتنفعهم في حياتهم ويكون لكل منهم أسلوب حياة خاص به، كما أنه بهذا الأسلوب يتكون لدى الطفل فلسفته الخاصة به.
هناك أربعة عناصر متى ما طبقت في العملية التربوية تم الوصول إلى المعنى الحقيقي للتعليم، أولها التعلم وهو قائم على ربط المفاهيم التي يتناولها الطالب بما لديه من خبرات علمية سابقة بعيداً عن اتباع منهج “الصم” والحفظ، بحيث لا يدرك ما يتناوله من علوم، وهو يتم على ثلاث مراحل، يستقبل المعلومة، ثم يتم توجيهه واستكشاف ما لديه من خبرة وربطها به، وهذا يقوده للبحث العلمي والاعتماد على نفسه في الكشف عن المعلومة.
ويتمثل العنصر الثاني في دراسة كيفية إنتاج معرفة جديدة، وهذا لا يتأتى إلا بفهم المعلومات المقدمة لا حفظها، في حين يتعلق العنصر الثالث بجانب الأمانة والمسؤولية العلمية التي تسهم في صدق تبني ما توصل إليه الفرد وتشجيعه على هذا الاكتشاف العلمي.
أما العنصر الأخير فيرتبط بكيفية توظيف حجرة الدراسة لأن تكون أكثر فعالية في استخراج طاقة الطلبة من التجارب والاختبارات التي تغير الكثير من المفاهيم والمعتقدات المترسخة، بحيث يتم تجميع الاكتشافات والتجارب في مجلد والاستفادة منها مستقبلا… هذا إذا أردنا فعلاً أن نعيد إلى الوزارة هيبتها، وإذا أردنا أن نصحح المخرجات العلمية والتربوية، فعلينا أن نعلم أبناءنا أولاً كيف يتعلمون؟
بقلم : عفاف فؤاد البدر