أسعدني ما عرضه الإعلامي عبدالوهاب العيسى عن مدرسة حكومية اتخذت خطوة بناءة في تصحيح مسارها التربوي بإعلان تخصيص جزء منها لرعاية الموهوبين من طلبتها، ولا يقبلون لمجرد نيلهم الدرجات العليا بل يخضعون لاختبارات ذكاء واختبارات موهبة تبين مدى قدراتمدرسة الموهوبينهم وميولهم، كما أنها لا تقبل أي معلم لهم إلا بعد اختبارات، بحيث يكون من حملة الشهادات العليا والأكفاء، ومن هم على قدر المسؤولية، ونرجو لهذه الخطوة الجريئة أن تأخذ بيد وزارة التربية التي وصلت إلى حضيض من شأنه أن يدمر جيلاً كاملاً، كما نرجو بدءاً من هذه الخطوة النظر في المناهج وطرق التدريس.
بالمناسبة جاءني سؤال عبر “الواتساب” من أستاذي الفاضل د. أحمد بوزبر، نصه كالتالي: “إذا استيقظت صباحاً ذات يوم وبُلِّغت أنك عُيِّنت وزيرة للتربية فما القرار الذي ستتخذينه ولماذا؟”.
طبعاً ليس قراراً واحداً، بل عدة قرارات نرجو من وزارة التربية النظر فيها وإعادة غربلة جميع القرارات التي تُطبق دون دراسة ولا تخدم الصالح العام؛ إنما تلبي أهواء، وتشبع حاجات، وترسي مناقصات، والله أعلم بما يدور في نفوس أصحاب الذمم الواسعة، والبعيدة كل البعد عن مصلحة أبناء البلد، نعود إلى الإجابة:
أولاً: إلغاء جميع اختبارات الصفوف من الأول الابتدائي إلى السابع.
ثانياً: أهم المواد التي تدرس: اللغة، وتعليم الكتابة والقراءة، ومادة الرياضيات.
ثالثاً: المواد الأخرى تعرض كفيلم تعليمي وثائقي، فلا يشترط وجود كتب لها، ومثال ذلك مادة العلوم، ليشرح مثلا الدرس عن جسم الإنسان بصورة حية، عبر المشاهد، ويكتفى بمعلم يعلق من الخلف على الشيء غير المفهوم فقط، والله إنني لأذكر فيلماً وثائقياً لهذه المادة شاهدته في مرحلة متقدمة جدا، فضلاً عن مادة الاجتماعيات، وأيضاً سيرة النبي بالنسبة لمادة التربية الإسلامية، لتحبيب الأطفال في الدين لا النفور منه، كل هذه المواد يجب عرضها على شكل أفلام تعليمية تناسب عقول الطلاب، وهذا ما يسمى بالتعليم غير المباشر، ويتم توجيههم إلى الإنترنت لمن يحب الاستزادة عبر المواقع والبرامج المفيدة.
رابعا: أهم ما يعلم ويدرب عليه ويمارسه مادة المهارات الحياتية وتعليم الأخلاق كمهارات تطبيقية، مثل: كيف ينظف مدرسته، ويحترم أستاذه، ويساعد الفقير، ويحرث الأرض، ويهتم بالحيوان، أمور حياتية تخدمه وترقيه، وهو الشيء العظيم الذي يحدث في اليابان، عندئذ يمكن أن نطلق على الوزارة فعلاً “التربية”، فالتعليم غير المباشر هو الذي يثبت في ذهن الطفل.
خامسا: المواد المهمة، إضافة إلى القراءة والكتابة والرياضيات، الرسم والفنون الموسيقية والرياضة، بحيث يسمح للطفل منذ الصغر بممارسة هذه الهوايات بحرية، من هنا نصنع الموهوبين والمبدعين، ونصقل شخصياتهم، لتكون لهم حرفة، ففي المستقبل ستندثر أعمال ومهن كثيرة، ولن يحتاج إلى كثير مما يدرسه وينال عليه شهادة، ولكن هذه الحرف التي تعلمها تبقى داخله، وتصنع منه قائدا.
هذه كانت إجابتي، وأرجو أن يكون هذا المشروع القيم في رعاية الموهوبين خطوة مدروسة بشكل جيد، مع وضع خطة بعيدة الأجل، ولا تمسها أو تدخل فيها رائحة فساد.
بقلم : عفاف البدر